” الساخر كوم ”
السلام عليكم
الجزائريون يقدسون الخبز تقديسا يشبه العبادة و لكم أن تحكموا…
فظاهرة تقبيل الخبز على نتانته و تعفنه و قد بقي في الشارع مرميا لأيام و تنحيته جانبا ليس من باب اماطة الأذى عن الطريق و لكن من باب اماطة الأذى عن الخبز، هذه الظاهرة ربما لن تجدها في بلاد أخرى في العالم و لكنها حقيقة معاشة في الجزائر.
ان من أكبر الكبائر التي يمكن لك أن تصدم بها الشعور الجماعي لللآخرين هي ببساطة أن تدوس قطعة خبز في الشارع غير متعمد.
و لا يقتصر هذا المعتقد على فئة دون أخرى، بل يستوي في ذلك الغني و الفقير و المتعلم و الجاهل و الشيخ و الصبي، كلهم يقبلونه و يرفعونه مكانا عليا إذا و جدوه مرميا في الشارع كي يكون في مأمن من عبث العابثين.
و لا أدري حقيقة مصدر هذه الظاهرة الغريبة و لكن الذي أعلمه علم اليقين أن الناس هنا مصابين بشيء من الهلوسة الجماعية فيما يخص هذه المسألة بالذات.
لقد كنت أمشي مع أحد الأصدقاء و هو طالب جامعي و صادف أن مررنا بشارع به مكان خاص برمي القاذورات و فجأة رأيت الرجل ينحني لجمع خبز متعفن ليضعه في مكان بعيد عن المارة و بعيد أيضا عن المزبلة العمومية (أعزكم الله)…استغربت هذا الفعل منه و قلت له لماذا تفعل هذا؟
لماذا ترمي الخبز في المنزل و عندما يصل إلى المزبلة تلتقطه و تضعه في مكان بعيد عنها؟…ثم لمن تضعه هناك؟ لا أحد يحتاجه بل ربما سيكون سببا في انتشار المرض…
طبعا مجرد طرح هكذا أسئلة كان بمثابة تعدِّ على حرمة الخبز و نقض للأعراف المتعامل بها…لقد رماني صديقي هذا بنظرة ريب في حينه و كأني ارتكبت كبيرة من الكبائر و لكن اعترف لاحقا بان كلامي فتح عينيه على هذا الهوس.
حادثة أخرى وقعت منذ مدة قصيرة، لقد كنت مستندا على حائط (هذا كل ما نملك من وسائل التسلية، و حتى هذه حُرمنا منها من طرف العسكر يوم أصبحت مواقع لترصد تحركاتهم لحساب الجبهة الاسلامية للجهاد في الجزائرFIDA)…كنت أكلم صديقا لي، و عادة عندما لا يعجبني الحديث أحاول أن أجد بديلا يعوضني عن استثماري الفاشل، و هذه المرة امتدت يدي لشيئ بدى لي غريبا من أول وهلة و لما رفعته وجدته قطعة خبز متعفنة فأسرعت بقذفها برجلي بعيدا عني متقززا من عفونتها، و صادف أن صديقا كان قادما إلينا شاهد المنظر فهاله ما رأى و دهش من تصرفي هذا، ثم ما لبث أن انفجر ضاحكا و هو يكاد لا يصدق ما رأى خاصة و أنه صديق جديد لا يعرف عني سوى أنني شاب متزن بعيد عن مثل “هذه التصرفات”، و لم يكن يدري المسكين أنني في نفس الوقت الذي قمت بقذف قطعة الخبز المهترئ قمت أيضا بقذف رأسه الذي لا يختلف عنها كثيرا.
طيب الله أوقاتكم.
Archived By: Crazy SEO .
تعليقات
إرسال تعليق