” الساخر كوم ”
قلت لهم بلهجة حازمة و الناس تنظر إلي بفرح ،( شعب فرحان و طحان*) كما يقول المثل عندنا :”.. من اليوم فصاعدا فليسقط شعارالأرض لمن يخدمها ..ماكاش .. هذا شعار مفلس.. أكل عليه الدهر و هرب..”
و حتى يكون كلامي مستساغا و سهل الهضم على رؤوس الخرف، رحت أزيِّنه بسقطات أخرى تعجبهم، قلت لهم: فليسقط الشعار.. و لتسقط أمريكا و لتسقط فرنسا معها … و ليسقط الشيخ أبو الأطفال أيضا.. و ليسقط جدار برلين.. و ليسقط كل شيئ … و لتحيا الجزائر أولا و قبل كل شيئ. ( خلطتهالهم تشكشوكة البساكرة)
و بما أن لا أحد هنا يعترض على بقاء البقرة الحلوب المسماة الجزائر قيد الحياة لأطول مدة ممكنة و لا أحد يجرأ على معارضة سقوط أمريكا و فرنسا ( في ظاهر الأوصاف طبعا)، و بما أن السقطات في خطاباتي مرتبطة فيما بينها و لا تقبل التجزئة فقد كنت متأكدا أن كلامي سيمر مثل ظرف في علبة بريد فارغة.
قلت لهم: ” لقد أضعنا الكثير من الوقت و المال في خدمة الأرض و لم ننل سوى التعب و سوء المنقلب و لا زلنا نستورد نصف صادرات العالم من القمح… آن لنا اليوم أن نرحم أراضينا و نرحم أنفسنا”، و رحت أتلو عليهم الآية ” و لا تقتلوا أنفسكم، ان الله كان بكم رحيما..”
قلت لهم: “رحمة الله قد تأتي من السماء و قد تخرج من باطن الأرض .. و بالنسبة لكم، فان باطن الأرض خير لكم من ظهرها.. (لو كنتم تعلمون)”
و بما أنني آليت على نفسي استعمال الابهام ( دون السبابة) في صياغة خطاباتي فقد فهم البعض أن جملتي الأخيرة تحريض على الثورة و فهم آخرون أنها اشارة الى الثروة ( البترول).
لكنني و قبل أن يكثر الهرج و المرج ( أصدقكم قولا، لا أعرف ما معنى المرج و لكنني أخاله كثرة الكلام و الصخب داخل القاعة) لقد فهمت بسرعة بديهتي ما يدور في خلدهم فأردفت قائلا: ” شعارنا الجديد لهذا العام الجديد..الأرض لمن يحبها”
توقفت برهة كمن يريد إيقاف الزمن عند هذه الجملة التاريخية، و نظرت اليهم مليا و قد أصابهم الدوار من محاولة فك رموز كلماتي.
و حتى أقضي عليهم بالضربة الفنية ، أردفت قائلا:”.. و لا أدل على حبها، بذل المال من أجلها” و أخرجت شيكا من حافظتي و رحت أبرح به أمام الملأ:” في خاطر الخواطر و الشيخ أبو الأطفال و الشيخة الجنية الحقانية، في خاطر الشاب عصام و الشيخة الريميتي.. في خاطر الحرّاقه كلهم بمن فيهم السنونو المهاجر… هذا عربون محبة من أجل أراضي سانت أوجان غرب العاصمة و ما جاورها، ليَّ و حدي sec”
لم يستطع جسمي المتعود على المآسي تحمل مقدار النشوة التي و صلت اليها و أنا على تلك الحال من الأحلام اللذيذة فاستقضت بردة فعل لا ارادي، و وجدتني منبطح على الحصيرة و أنا أضحك من الحسرة و أحمل بدل الشيك مسودة القانون الجديد للتنازل عن الأراضي لفائدة أثرياء الحرب الجدد.
استعذت بالله من السلطان الرجيم و دفلت ثلاثا على اليسار اللعين و انقلبت من اليسار الى اليمين في حركة مشبوهة تشبه ما يقوم به هؤلاء الماركسيين الذين صاروا يقفزوم من أقصى اليسار الى أقصى اليمين لتبييض الملايين، و رحت أغط في نوم عقيم لا حلم فيه و لا كابوس.
تصبحون على خير:r:
==============
*/ طحان = الشخص عديم الرجولة
*/تشكشوكة البساكرة = أكلة شعبية لمدينة تقع على الحدود التونسية تسمى بسكرة يرقد فيها عقبة ابن نافع رضي الله عنه.
*/الشيخة الجنية و الشيخة الريميتي من مغنيات نوع من الأغاني الهابطة يسمى “الراي”
ماكاش = كلمة دارجة للنفي
سانت أوجان حي أوروبي غرب العاصمة يسكنه الشيخ أبو الأطفال.
Archived By: Crazy SEO .
تعليقات
إرسال تعليق