التخطي إلى المحتوى الرئيسي

على مرمى "كالَه شَمَّه مْدَرْحَه" كانت تجلس جريدة عربية كاشفة عن عورتها دون حياء ..™

” الساخر كوم ”

مرَّ أحد الأصدقاء و أنا جالس في السيارة، فناداني من بعيد:” صحا خو ..مبروك عليك الموبايل..”
رديت أنا:” ما كان والو حبيبي ..راني نحك أذني فقط “

الحقيقة أنني عندما أطيل حك أذني فهذا دليل على أن الأمور لا تسير على ما يرام، و حينها …أغرق في مَدِّ من الأفكار المبعثرة التي أحاول ترتيبها كأي لعبة كلمات متقاطعة مملة، أحاول أقناع نفسي بجدوى إعادة ترتيبها في انتظار انحصار المد.

بجانبي.. على مرمى “كالَه شَمَّه مْدَرْحَه” كانت تجلس جريدة عربية كاشفة عن عورتها دون حياء، و على صدر صفحتها الأولى صورة حاكم عربي يسافح جوج بوش أمام الملأ… لم أتعجب من المشهد تعجبي من وجود هذه الجريدة في السيارة، فأنا لا أقرأ الجريدة أصلا، ناهيك على قراءة الجرائد العربية، ثم أنني و لِلَّه كل الحمد و المنة لست مثقفا مثل الشيخ أبو الأطفال مثلا.. أو عصام أو السنونو المهاجر.

كل ما أملك في رصيدي الهزيل من ثقافة هو برامج كمبيوتر تثير دهشة جدتي عندما تراني منكبا عليها، اضافة الى تراث شعبي محلي، من مظاهره سب الحكام و التهكم بالأعراب و مناصرة القضية الأمازيغية و تمجيد الإرهاب. كل هذا تعلمته في مدرجات ملاعب كرة القدم مع أناس يفكرون مثلي شعارهم :” الزيت من الزيتونه و السمك من البحر”.. كل شي تاع البانكس simple as there!
ذكرتني الصورة في الجريدة بنظريتي العالمية في التطور السيكولوجي الذي يميزه ذلك الصراع الخفي بين الخير و الشر عند الكائنات المتفوقة التي بلغت مرحلة من الارتقاء تمكنها من الغوص في أعماقها محاولةََ التخلص من بقايا التخلف و البدائية فيها.

أعرف أن نفسي الأمارة بالسوء كائن متخلف بداخلي، من بقايا عملية الارتقاء هذه، لا يحترم ميولي الفكري و العقدي و لا يحترم الديمقراطية، فبالرغم من أننا نتقاسم جسما واحدا مناصفة منذ سنين إلا أن الميول الشريرة لدى نفسي الأمارة بالسوء تجعلها لا تتأخر في استعمال كل الحيل و المكائد لإشباع رغباتها الشيطانية على حساب الجانب الخيِّر من نفسي.

في الصباح أسمع صوت المؤذن:”…حي على الصلاه ، حي على الفلاح ….الصلاة خير من النوم”… فتكون نفسي الأمارة بالسوء أول المستيقظين لأن هذا أكثر ما يزعجها و هي تغط في نوم عميق فتحاول إقناعي بالتجربة العملية أن النوم خير من الصلاة..

أحاول أن أتصدق بآخر ربع دولار في جيبي فتمنعني:” اتق الله في نفسك يا هذا !.. متى كان عندك أموال لتتصدق بها؟… أنت أولى أن يُتَصَدَّقَ عليه..”

في الشارع أو في الحومة أو في العمل أحاول دائما تطبيق ما قاله لنا الإمام في المسجد، أحاول أن أغض من بصري ما استطعت، لكن المشكلة أن نفسي الأمارة بالسوء تسمع الكلم فتحوره عن مواضعه، تقول لي: “إن الله جميل يحب الجمال…”

و يستمر صراع الخير و الشر سجالا بيني و بين نفسي الأمارة بالسوء في حرب مواقع طويلة الأمد، تربح مترا من هنا و تخسر مترا من هناك.
في حين ينعدم هذا الصراع الحضاري عند الحاكم العربي لأنه كأي كائن بدائي تجاوزه الزمن و سحقت عجلة التاريخ رأسه متسببة له بعجز عضوي مزمن في قدرته على التأقلم و التطور ، لا يملك إلا نفسا واحدة أمارة بالسوء تحتل كل المقاعد في برلمانه الداخلي الذي لا يعرف ما معنى المعارضة و لم يعقد جلسة واحدة للمحاورة مع الذات طوال حياته، فهو إذن لا يعيش صراعا ديمقراطيا مع نفسه كباقي الكائنات المتطورة سيكولوجيا،
بل أنه يفعل المصائب و الموبقات بكل عفوية، و يتسبب بالكوارث التي لم يسبقه إليها أحد في العالمين و ينام مع ذلك قرير العين.
فيسمن و يزداد وزنه و يموت بالقنطة من كان له ضمير حي في الآخرين.

قال لي أحد أصدقائي العرب: ” واش صرى خويا Argun؟ ..راك شينت… ما بقى فيك والو”
قلت له :” معلوم نشيان …اللي يسمن فهاد البلاد غير اللي فيه اللوش”
و خرجت من المحل و تبعني هذا الصديق و هو يقول ” ان شا الله ما زعفتش … أنا سمين كما راك تشوف ..ياك ماكش تمعني علي ؟؟؟”

حتى عندما يتدحرج الانسان من القمة الى الحضيض مثل ما حدث لجاري “شمهروش المجنون ” فانه يحتفظ ببعض آثار ذلك الصراع الذي كان يخالج نفسه.
قال يوما و قد توقف أمام جزار الحي ينظر مليا الى اللحم الذي صار طعمه محض ذكرى: ” سبحان خالق الـMerguez …” … ربما أثار هذا الحكم سخرية الكثير، و لكن ماذا نقول عن الكثير، الذين لم يجربوا يوما الوصول للقمه؟
نقول أن تلك الرعية من ذاك الراعي …و الإنسان ابن بيئته.

طابت أوقاتكم

شينت = هزلت و ضعفت

والو = لا شيئ

اللوش = الشَّك

ماكش تمعني علي؟ = أنت لا تعنيني بكلامك ؟

ARGUN

Archived By: Crazy SEO .

تعليقات