التخطي إلى المحتوى الرئيسي

AW ll ..من يقتل من؟®

” الساخر كوم ”

بسم الله الرحمن الرحيم.

مقدمة لا بد منها:

لم يحدث في تاريخ الدول أن سقطت دولة بكامل مؤسساتها في قبضة المافيا، و عندما أتكلم عن المافيا فإنني أشير بوضوح إلى تلك العصابات الخارجة عن القانون و التي تستعمل كل الطرق الغير مشروعة من عنف و ابتزاز و تصفيات جسدية و تهريب و سرقة و متاجرة في الجنس و المخدرات و كل النشاطات الاجرامية الأخرى.

نعم سمعنا عن المافيا الأمريكية و المافيا الايطالية و حتى الروسية حديثا، و لكن المؤكد أنه و لا واحدة من هذه المنظمات الإجرامية استطاعت أن تتغلغل في جسم الدولة و تسيطر على السلطة التنفيذية و السلطة القضائية و الجيش و المنظمات الجماهيرية و الأحزاب و الاقتصاد و كل نواحي الحياة السياسية و الاجتماعية كلها مرة واحدة.

إن المنظمات الاجرامية مهما كانت قوتها من غير الممكن أن يصبح لها علم و جيش و تمثيليات دبلوماسية و سفارات، هذه هي القاعدة، أما الاستثناء فهو الجزائر.

كثيرا ما سالني بعض الاصدقاء من غير الجزائريين هذا السؤال المتكرر:”ماذا يحدث في الجزائر؟ .. من يقتل من؟”. و الحقيقة أنني كنت أجد صعوبة كبيرة في الاجابة، ليس لعدم احاطتي بما يجري، و لكن لأن السؤال على بساطته يحتاج إلى اجابة تحيط بجميع جوانب الصراع، منذ بدايته إلى هذه اللحظة التي أخط فيها هذه الكلمات. و هذا يقتضي طرح أسئلة فرعية كمدخل لمحاولة فهم ما جرى و ما يجري في بلاد الشهداء.

من المتسبب في الأزمة التي عصفت بالمستقبل المنظور لشعب بأكمله و تسببت في ابادة 200.000 مواطن و تشريد من 2 إلى 3 مليون عن منازلهم؟

أين ذهب أكثر من 22.000 مفقود لا تزال الحكومة و الرئيس يرفضان البث في ملفاتهم؟

من الذي أعطى الأوامر بتشكيل خلايا التعذيب الوحشي بطريقة نظامية و على مستوى أذهل منظمات حقوق الانسان في العالم؟

كيف وصلت الخسائر الى 22 مليار دولار (خارج النفقات الأمنية التي وصلت حسب بعض التقارير الى أكثر من 100 مليار دولار)؟

لماذا فاقت نسبة الانتحار النسب الأوروبية في شعب يعتبر مسلما بنسبة99 % ؟

لماذا توقف قتل السجناء خارج نطاق القضاء بعد سنة 1998 ؟

ما هي حقيقة الجماعة الاسلامية المسلحة؟

من هي منظمات AIS و FIDA و GSPC و ما دور و توجهات و مواقف كل منها؟

ما دور المخابرات و الجيش في المجازر ؟

من هم الحكام الفعليين للبلاد؟ و من هم الجنرالات الانقلابيين؟

ما دور الدول الغربية و العربية في ما حدث؟

و أسئلة أخرى كثيرة سنحاول الاجابة عنها بما يتناسب مع اعطاء صورة شاملة و حقيقية على ما اسطلح على تسميته “المأساة الوطنية” في الجزائر، و “الحرب الجزائرية الثانية” في وسائل الاعلام الغربية”

حسب بعض المؤرخين فان الجزائر لم تنعم بالسلم سوى 600 سنة طيلة 2300 سنة الأخيرة، و هذا أمر طبيعي اذا ما اخذنا بعين الاعتبار الموقع الجغرافي على مرمى حجر من أوربا و التكوين البشري لسكان شمال افريقيا الذين شكلوا الى زمن قريب قياسا الى عمر الشعوب، وحدة متجانسة من الحدود الغربية للنيل شرقا الى جزر الكناري غربا و من طنجة شمالا الى نهر النيجر جنوبا.

إن هذا التجانس هو الذي جعلهم يرفضون أي جسم غريب عن محيطهم، فحاربوا الرومان و الوندال و البيزنطيين إلى أن جاءت الحملة الأولى للعرب بقيادة عقبة بن نافع رضي الله عنه و التي قاتل فيها المسلمين قتال الأبطال الى أن أبيدوا عن آخرهم في ملحمة أظهر فيها الصحابة و التابعين أروع الأمثلة في الشجاعة قرب مدينة بسكرة شرق الجزائر. رحمة الله عليهم جميعا.

يقول أحد العارفين بالتاريخ مجيبا على سؤال طرحته عليه:” لقد غرس المسلمين الرماح في الأرض و سلوا سيوفهم و قاتلوا مقبلين غير مدبرين جيشا يفوقهم عددا و عدة و استماتوا في قتالهم و أظهروا شجاعة قل نظيرها و هذا ما جعل الأمازيغ يشعرون أن هؤلاء “الغزاة” ليسوا كمن تعودوا على محاربتهم، فعادة الغازي اذا دارت الدائرة عليه يهرب و ينسحب و يولي الأدبار، و هذا ما لم يحدث مع هؤلاء المسلمين على قلة عددهم.”

إن سبعين سنة من القتال و الاحتكاك مع المسلمين جعل البربر يغيرون رأيهم فيهم، حتى أن ملكتهم Dihya أو الكاهنة كما يسميها العرب طلبت من أبنائها الدخول في هذا الدين الجديد و ان لم تعتنقه هي حتى لا يقال عنها أنها خائنة لدين آبائها و اجدادها.

لقد أوردت هذه المقطع كي أشير الى صراع الهوية الذي ربما سنتطرق اليه عندما نصل الى الأحداث التي تعيشها منطقة القبائل الكبرى و الصغرى و دور المافيا في تأجيج هذا الصراع، و كيف ارتفعت أصوات تنادي باعادة صياغة التاريخ كي يظهر Aksel أو كسيلة كما يناديه العرب، قاتل عقبة بن نافع رضي الله عنه بمظهر البطل الوطني مثله مثل jughurta الذي قاتل الرومان، و اعتبار الفتح الاسلامي غزوا خارجيا و” الثقافة الاسلامية ” مثلها مثل الثقافة الفرنسية غنيمة حرب.

فهل يحق لنا بعد هذا أن نسكت؟

الحلقة القادمة:سِفْرُ التكوين

ARGUN

Archived By: Crazy SEO .

تعليقات